Øموده الادارة
عدد المساهمات : 428 نقاط : 712 تاريخ التسجيل : 05/05/2011 العمر : 26
| موضوع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ الجمعة يوليو 22, 2011 9:28 am | |
| يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
من فقه العقوبة والتأديب كاتب الخطبة: الشيخ حسن البار إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد، فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة. أحبتي في الله، خطبنا الأسبوع الماضي عن الترغيب في العفو والصفح، وما للعافين عن الناس من منزلة جليلة يستحقونها، وذكرنا ما يُشيد بذلك المقام من مقامات سيِّد الأنبياء والمُرسلين عليه من الله الصلاةُ والسلام، وَمِن هدي أصحابه رضي الله عنهم أجمعين. وبقي لإتمام الموضوع أن نقول بأن العفو ليس مطلوباً على كُلِّ حال، وربُّنا العفوُّ الغفور من أسمائه تعالى أنه شديد العقاب ذو الطَّول، العزيز الجبار المتكبِّر، قال جل جلاله في شأن أمرٍ من أوامره وهو النهي عن قتل الصيد حال الإحرام: {عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}المائدة95، وفي القرآن من مثل ذلك كثير. وفي خبر نبيِّنا صلى الله عليه وسلم أنه عفا وآخذ، وسامَحَ وعاقب، وترك وأخَذَ صلى الله عليه وسلم. إذاً فمتى نعفو، ومتى نعاقب؟، وهل الناس في هذا على حدِّ السواء، في مسؤولياتهم، وفي أثر تصرُّفاتهم. ألا فاعلموا يا عبادَ الله أنا لا نتكلَّم هنا عن الانتصارِ للنفس، ولا تنفيسِ ما قد يجده المرء من الغيظ، لا.. ولكنا نتكلَّم عن مقامٍ شرعي، يجبُ فيه على من تولاه أن يتولاه بتقوى الله، وأن يعمل فيه بالمصلحة المعتبرة شرعاً، هذا أولاً. ثانياً، ليس من حق أحدٍ من العباد أن يتسلَّط على الآخرين بتأديب وتعزير وعقوبةٍ بمجرد اعتقادِهِ أنهم على خطأ، أو اشتهائِهِ لعقوبتهم. وإنما يلي ذلك مَن ولاه الله الأمر، من أمير أو قاضٍ، أو محتسب، أو والد، ونحوِ ذلك. فولاية العقوبة ليست لآحاد الناس، ولكنها أمانةٌ يُسألُ عنها من وَلِيَها من الناس. ثالثاً، عند القيام بالتأديب لا يجوز أن يُتجاوَزَ بالمؤدَّب المُستصلح ما يستحقه من العقوبة، فإن فعل المؤدِّبُ ذلك انقلب حاله من موضع الإحسان إلى موضع الظلم والاعتساف، وكثيراً ما يقع من الناس مثلُ ذلك. يكون المرءُ مظلوماً، فإذا أُتيح له أن ينتصف لنفسه ممن ظلمه انقلب سبُعاً ضارياً، لا يعرف حلالاً من حرام، ولا معروفاً من مُنكر، ويعود ظالماً بعد أن كان مظلوماً. رابعاً، يعودُ العفوُ عجزاً ومهانةً إذا كان المعفوُّ عنه لا يزيدُه العفوُ إلا تمادياً، فإذا بلغ الأمرُ أن يكونَ تركُ الحبل على الغارِبِ يؤدي إلى ضياع الأمانة، أو إلى أذية الآخرين، وكنتَ أنت مسؤولاً عن هذه الأمانة فأضعتها، فالويلُ، ثُم الويل، لأصحاب الأمانات يوم القيامة إن هم كانوا لها من المضيعين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنفال27 الويلُ لوالدٍ أضاع ابنَه، وتركه يؤذي عباد الله وهو قادرٌ أن يحجزه عن ظلمه فلم يفعل، والويل للمرأة تُخبِّئ عن زوجها بعض جرائم ابنِها ليسلمَ من عقوبة والدِه، ثُم لا تُبالي أكان في ذلك خيرٌ له وللناس، أم أنه فيه تمادياً للابن في سبيل هلاكه، والويلُ للمسؤول يعلمُ تعنُّت وأذى بعض موظفيه للناس فلا يُحرِّك بذلك ساكناً. عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوماً؛ إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصرة، وإن كان مظلوما فلينصره)) رواه مسلم. أما إنْ كُنتَ تعلم أن رفع الأمر إلى مَن يتولى التأديب لن يخلوَ من ظُلم وتعدٍ في عقوبته فهُنا يُنظر في أدنى المفسدتين، فإن كان أذى هذا المؤذي يُحتمل فإنه لا يجوز بذل السبب لتمكين الظالمِ منه. فعن أبي طالب أنه سُئل أبو عبد الله الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل رحمه الله: إذا أمرتُ بالمعروف فلم يَنتَهِ ما أصنع؟ قال: دعه، قد أمرته، وقد أنكرتَ عليه بلسانِك وجوارِحِك، لا تخرُجْ إلى غيرِه، ولا ترفعْهُ للسلطان يتعدى عليه. كان أصحابُ عبدِ الله إذا تلاحى قومٌ قالوا: مهلاً، بارك اللهُ فيكم. وروى أحمد بن نصر عن أحمد أنه قال: كان لنا جارٌ فرُفِع إلى السلطان، كان قد تأذَّى منه جيرانُه؛ فرفعوه، فضربوه –أي عند السلطان- مائتي دِرَّةٍ فمات[1]. وأما إن عظُم ضرره، وعم، ولم يمكن دفعُه إلا برفعه للسلطان الظالم فإنه حينئذٍ تُقدَّم مصلحة المجموع على مصلحة الفردِ الواحد، وحبذا لو سبق ذلك وعظٌ له، وتهديد برفع أمره، فإنْ تمادى، كان هو مَنْ جرَّ تلك العاقبةَ إلى نفسه. أيها المسلمون، ومن فوائد التأديب والزجر والعقوبات أن فيها إصلاحاً وتهذيباً، كما أن فيها ردعاً وتخويفاً، وهي بابٌ لكفِّ الاعتداء وحفظ حقوق الآخرين. ومن هذا الباب كان ينبغي عدم التهاون في حدود الله الشرعية لما في طيِّها من المصالح المعتبرة شرعاً من مصالح الدنيا والآخرة. أيها الإخوة الأكارم، إن من أسباب طرحي لهذا الموضوع، وفي هذا الوقت بالذات أن كثيراً منا لا يتصرف بالطريقة الشرعية مع أبنائه، فهُم على مدار العام مشغولون عنه بالدراسة، فإذا خرجوا من عُهدة المدرسة إلى عهدته في مثل هذه الإجازة: فصِنفٌ مُضيِّع لا يَسألُ، ولا يأمرُ ولا ينهى. لا يأبه إن رأى ابنه يلبسُ ملابس المخنثين، ولا يتلوَّم أو يغتاظ من رائحة العطر النفاذة الذي تتعطر به ابنتُه أو زوجه قبل خروجها، ليس له دورٌ في معاونة أبنائه وأهله على الوصول إلى الطيِّب من البرامج والأصدقاء والأماكن التي يُذهب إليها، وليس له دورٌ في منعهم من الخبيث، وأُمِرَّ دون عُبيدة الوَذَمُ. ويُقضى الأمرُ حين تغيب تيمٌ *** ولا يُستأمرون وهُمْ شُهودُ وصِنفٌ آخر، يؤاخذُ بالظِنَّة، ويرمي بالتُّهمة، ويسارع إلى السوط واليد والعقال، لا يفرِّقُ بين ذنبٍ وذنب، ويحسب أن المساواة في الظُّلم عدل. وكلا هذين الصنفين بعيدٌ عن الصواب. وبقيت قلةٌ، وهمُ الصنف الثالث، تأمُر بالعدل، وتعفو عن الذنب، وتستصلح بالأدب. ليسوا أغبياء، ولكنهم يتغافلون، وفي الوقت المناسب يتدخلون. ليس الغبي بسيِّدٍ في قومه *** لكنَّ سيِّد قومِه المتغابي أحبتي في الله، إن الله سائلني وسائلُكم عن أماناتنا، وإن أبناءنا بَضْعٌ مِنَّا، لا والله لا يسر الواحد مِنا أن يكون أولاده في النار يوم القيامة. وقد يقول القائل: كنا نلهو ونلعبُ مثلهم، فلما كبُرنا عقِلنا. فأقول: بئس ما يأذن المربي لولده في الحرام، وفي أذية الآخرين. ثُم يا هذا هل زمانُك كُنت تقدر فيه أو يُقدر عليك بالأذى كما في زماننا هذا. وكم من شاب قُتل بالمخدرات، وبحوادث التفحيط، وبأمراض الخمور والفواحش، وباستفزاز أهل الفسق والزعارة= جراء مثل هذا الفهم السقيم، من مُربٍ لا يعرف مسؤوليته، والله المستعان. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَسْتَرْعِي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدًا رَعِيَّةً، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَقَامَ فِيهِمْ أَمْرَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمْ أَضَاعَهُ؟ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً" رواه الإمامُ أحمد وغيره. وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عال جاريتين حتى تبلُغا؛ جاء يوم القيامة أنا وهو)) وضم أصابِعَه. رواه مسلم. قال النووي رحمه الله: ومعنى (عالهما) قامَ عليهما بالمؤونة والتربية ونحوِهِما. اهـ أيها المسلمون، وللتأديب وسائل كثيرة، بعضُها أجدى نفعاً من الضرب، والضربُ وإن كان مشروعاً بحدود فليس من الحكمة أن تستنفد ذخيرتك، وتُخرج آخر ما في جُعبتك من أول الطريق. لأن الولد إذا استهان بأقوى وأمضى أسلحتِك، أو اعتاده؛ لم يعُد يَهابُ بعد ذلك شيئاً. قال العز بن عبد السلام: ومهما حصل التأديب بالأخف من الأفعال والأقوال والحبس... لم يُعدل إلى الأغلظ؛ إذ هو مفسدةٌ لا فائدةَ فيه، لحصول الغرضِ بما دونه. اهـ ومن وسائل التأديب: الوعظ، وهو أسلوبٌ ذكره الله في أول ما يُعامل به الزوجُ امرأته إن خاف نشوزها، فيُبَيِّنُ لولدِه أضرار بعض الأعمال التي يعملها، ويوضِّحُ له حُكمها الشرعي، وعقابها النظامي. وربما زاد إذا ازداد الذنبُ بالتهديد ثُم بالتعنيف والتوبيخ. وينبغي ألا يكون ذلك ديدناً للأب، وأن يُنوِّعَ فيه كذلك بين أسلوب النهي، وبين أسلوب التنبيه والحض بطريقة إيجابية، كأن يقول لابنه: ما كنتُ أظنُّ أن تتخلف عني في الوقت الفلاني، وأنت من أفضل الأبناء فلا يليق بك كيت وكيت، ونحو ذلك. وينبغي مراعاة ألا يكون ذلك متضمِّناً للحط من منزلته وقدره، أو أمام الآخرين مما يكون فيه مزيد مهانةٍ له، فلا يصح ذلك إلا على سبيل النُّدرة، وعند التمادي في العصيان، إذا كان يظن أن يردعه ذلك، أو كان ممن يُقتدى به في الشر فأراد خضد شوكة الشر منه أمام من يقتدي به، فلا بأس حينئذٍ. والله أعلم. ومن وسائل التأديب كذلك: التوبيخ، ويكون بإغلاظ القول، كما يكون بالإعراض عنه، أو بعرك أُذُنِهِ، أو بإحداد النظر إليه، أو بتعبيس الوجه في وجهه، ومن هذا القبيل في المدارس ونحوِها أن يُؤخذ على الطالب تعهُّدٌ بعدم العودة إلى الذنب، وربما اقتضى الأمر تهديده بالتشهير به إن عاد إلى ذلك الأمر مرة ثانية. ومن وسائل التأديب كذلك: التأديب بالهجر والإعراض، وهو دواء نبوي استعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع نفرٍ من المذنبين من أصحابه رضي الله عنهم، حتى أنزل الله توبتهم في سورة التوبة. والهجر لا يجوز أن يتعدَّى مدة ثلاثة أيام إن كان لحظ النفس، أما إن كان لحق الله، فلا يكون مؤقتاً بوقتٍ معيَّن، وإنما يكون معلقاً على سبب وجوده، فإن زال- زال بزواله. قال ابن القيم رحمه الله: ويكون هجرانُ الوالدِ والمعلِّمِ للولد دواءً له بحيث لا يَضعُفُ عن حصول الشفاء به، ولا يزيد في الكمية والكيفية عليه فيُهلكه؛ إذ المرادُ تأديبُه لا إتلافه. اهـ ومن وسائل التأديب أيضاً: التأديب بالحرمان، وقد حرمت الشريعة القاتل من الحصول على شيء من إرث القتيل إن كان من أهل الميراث، وحرمت النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين خُلِّفوا من زوجاتهم مدة هجره لهم. فإنْ فعل الولد ما يستوجب العقوبة، كان من حق الولي أن يمتنع عن بعض ما كان يأذنُ له فيه، أو بعضِ ما كان يُعطيه إياه، فيحرمه من الذهاب إلى مكانٍ كان يأذنُ له فيه، أو يحرمه من السيارة لمدة من الزمان حتى يتأدَّب بآداب القيادة، أو يمنعَ البنت من الخروج إلى السوق، أو من هاتفها الجوال، أو من شراء بعض الحاجيات لها حتى تنتهي عن النمص، أو تترك سماع الغناء وما إلى ذلك من الأمثلة. وآخر الوسائل التي نذكرها اليوم هي وسيلة التأديب بالضرب، وقد أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله في شأن الصلاة: ((مروا أبناءكم بالصلاة وهُم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين))، والمقصودُ بالضرب: الضربُ غيرُ المُبرِّح قال القرطبي: وهو الذي لا يكسر عظماً، ولا يَشين جارحةً؛ كاللكزة ونحوِها. اهـ ويُشترط للتأديب بالضرب أمور: منها: أن يكون الضربُ لأجل ذنبٍ فعله الولد أو البنت لا لذنبٍ يُخشى أن يفعله. ومنها: أن يكون الولدُ بحيثُ يعقلُ ويكونُ أهلاً للتأديب، وأما ما يفعلُه بعضُ الناس من ضرب من لا يعقل، فهو ذنبٌ لا يأمن الواحدُ منهم أن يعاقبه الله عليه يوم القيامة. ومنها: أن يُعرَّف المضروب أن القصد من ذلك استصلاحُه ومنعُه عن الشر لا إهانتُه وإذلالُه. ومنها: أن يتقيَّد بالعدد الجائزِ في الضرب، وفي الحديث عن أبي بردة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله)) متفق عليه. ومنها: أن يكون يتوقَّع فائدة الضرب وجدواه، لأنه إذا لم يكن له جدوى كان انتقاماً، ويكون عقوبةً بلا فائدة، وكلاهما غير جائز. ومن هذا الباب كذلك: ألا يكون ضربُ المؤدِّب لولده في حالة الغضب، لأنه يكون ضَرَبُه حينئذٍ لراحةِ نفسِه وشفاءِ غيظه، ولم يضربه لمنافعِه ومصلحته. أحبتي في الله، اعفوا، وتغافلوا، ونبِّهوا، وحُوطوا أولادكم بالشفقة، فإنْ احتجتم لإيقاظهم بشيءٍ من الأدب، فالقصدَ القصد، والرفق الرفق، فإن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا نُزع من شيءٍ إلا شانه. ولا تُضيِّعوا أماناتكم، أو تُغلبوا على أمر استصلاح أولادكم، فكلكم مسؤولٌ عن رعيته: قد ينفعُ الأدبُ الأحداث في صِغَرٍ *** وليس يُفيد عند الكبرة الأدبُ إن الغصون إذا قوَّمتَها اعتدلت *** ولا يلينُ إذا قوَّمتَه الخَشَب الحمد لله رب العالمين، له الحمدُ في الأولى والآخرة، وأشهد ألا إله إلا الله وحده ذو النِّعم المتكاثرة، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه مَن فضَّلنا الله به على الأمم غابرة وحاضرة، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد، ومن وسائل التأديب وسائلُ محرمةٌ لا يجوز اللجوءُ إليها، وهي الوسائل التي يكون فيها إهانةٌ لكرامة المؤدَّب، أو انتقاصٌ لآدميَّتِه، أو إضاعةٌ لحقوقه، أو بوسيلةٍ غير مشروعة فمن ذلك: اللعنُ والشتم، فلا يجوز التأديب باللعن، ولا بالسب الفاحش. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) رواه مسلم. ومن الوسائل المحرَّمة في التأديب: ضربُ الوجه، أو الضربُ في المقاتل، وهي المواضع التي يعظُم الأذى بضربها، وقد تتسبب في الوفاة. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ» رواه مسلم. كما لا يجوز التأديب بالتجويع، والتعريض للحر والشمس، أو للبرد الشديد، أو بخلع الملابس، أو بالتشويه أو التحريق بالنار أو بالكي ونحوِه، أو التغريق في الماء. وأسأل الله لنا الجميع الهداية لأقومِ طريق. اللهم أصلح لنا ذرياتنا، اللهم أصلح لنا ذرياتنا، اللهم اجعلهم قُرة أعين لنا، وزيناً لنا بين الناس يا رب العالمين. اللهم ارزقنا حُسن التصرُّف وحُسن القيام عليهم..
استفدت في مواضع من هذه الخطبة من كتاب: ولاية التأديب الخاصة في الفقه الإسلامي، للشيخ الدكتور: إبراهيم بن صالح التنم. ط الأولى، 1428. دار ابن الجوزي، الدمام. [1] كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال: 42، 41. | |
|
دموع الورد
عدد المساهمات : 104 نقاط : 106 تاريخ التسجيل : 20/07/2011
| موضوع: رد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ السبت يوليو 23, 2011 7:09 am | |
| بارك الله فيك
مشكوور
يعطيك العافية
سلمت يداكَ | |
|
سيدة الورد
عدد المساهمات : 87 نقاط : 90 تاريخ التسجيل : 21/07/2011
| موضوع: رد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ السبت يوليو 23, 2011 10:31 am | |
| بارك الله فيك
يعطيك ألف عافييية | |
|